و حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ
و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ
فِيهِ : ( خُبَيْبُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْن عَاصِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ )
وَفِي الطَّرِيق الْآخَر ( عَنْ خُبَيْب أَيْضًا عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا - : ( بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنْ الْكَذِب أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) وَفِيهِ غَيْر ذَلِكَ مِنْ نَحْوه .
أَمَّا أَسَانِيده بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِر الْفَصْل بَيَانه وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ خُبَيْب بِالْمُعْجَمَةِ إِلَّا ثَلَاثَة هَذَا وَخُبَيْب بْن عَدِيٍّ ، وَأَبُو خُبَيْب كُنْيَةُ اِبْن الزُّبَيْرِ .
وَأَمَّا فِقْهُ الْإِسْنَاد فَهَكَذَا وَقَعَ فِي الطَّرِيق الْأَوَّل عَنْ حَفْصٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام مُرْسَلًا فَإِنَّ حَفْصًا تَابِعِيٌّ وَفِي الطَّرِيق الثَّانِي عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّصِلًا . فَالطَّرِيق الْأَوَّل رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَة مُعَاذٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَكِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ فَأَرْسَلَهُ . وَالطَّرِيق الثَّانِي عَنْ عَلِيِّ بْن حَفْصٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : الصَّوَاب الْمُرْسَل عَنْ شُعْبَةَ ، كَمَا رَوَاهُ مُعَاذٌ وَابْن مَهْدِيٍّ وَغُنْدَرٌ ، قُلْت : وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنه أَيْضًا مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا فَرَوَاهُ مُرْسَلًا عَنْ حَفْصِ بْن عُمَرَ النُّمَيْرِيّ عَنْ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ مُتَّصِلًا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْن حَفْصٍ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ رُوِيَ مُتَّصِلًا وَمُرْسَلًا فَالْعَمَل عَلَى أَنَّهُ مُتَّصِل ، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاء وَأَصْحَاب الْأُصُول وَجَمَاعَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث ، وَلَا يَضُرّ كَوْن الْأَكْثَرِينَ رَوَوْهُ مُرْسَلًا ، فَإِنَّ الْوَصْل زِيَادَة مِنْ ثِقَة وَهِيَ مَقْبُولَة ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَة مُوَضَّحَة فِي الْفُصُول السَّابِقَة . وَاَللَّه أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْله فِي الطَّرِيق الثَّانِي
( بِمِثْلِ ذَلِكَ )
فَهِيَ رِوَايَة صَحِيحَة ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفُصُول بَيَان هَذَا وَكَيْفِيَّة الرِّوَايَة بِهِ .
و حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ [size=25]عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنْ الْكَذِبِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ
قَوْله : ( هُشَيْم )
بِضَمِّ الْهَاء وَهُوَ اِبْن بَشِيرٍ السُّلَمِيّ الْوَاسِطِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ اِتَّفَقَ أَهْل عَصْره فَمَنْ بَعْدهمْ عَلَى جَلَالَته وَكَثْرَة حِفْظه وَإِتْقَانه وَصِيَانَته ، وَكَانَ مُدَلِّسًا وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَته هُنَا : عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ . وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُول أَنَّ الْمُدَلِّس إِذَا قَالَ : عَنْ ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا أَنْ يُثْبِت سَمَاعه مِنْ جِهَة أُخْرَى ، وَأَنَّ مَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ ذَلِكَ فَمَحْمُول عَلَى ثُبُوت سَمَاعه مِنْ جِهَة أُخْرَى ، وَهَذَا مِنْهُ .
( أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ )
بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَان الْهَاء مَنْسُوب إِلَى جَدّ مِنْ أَجْدَاده وَهُوَ نَهْدُ بْن زَيْدِ بْن لَيْثٍ ، وَأَبُو عُثْمَانَ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ وَفُضَلَائِهِمْ وَاسْمه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن مَلّ بِفَتْحِ الْمِيم وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ عَلَى الْأَحْوَال الثَّلَاث ، وَيُقَال : مِلْء بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَان اللَّام وَبَعْدهَا هَمْزَةٌ ، وَأَسْلَمَ أَبُو عُثْمَانَ عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَلْقَهُ ، وَسَمِعَ جَمَاعَات مِنْ الصَّحَابَة ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَات مِنْ التَّابِعِينَ ، وَهُوَ كُوفِيّ ثُمَّ بَصْرِيٌّ ، كَانَ بِالْكُوفَةِ مُسْتَوْطِنًا ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - تَحَوَّلَ مِنْهَا فَنَزَلَ الْبَصْرَةَ وَقَالَ : لَا أَسْكُن بَلَدًا قُتِلَ فِيهِ اِبْن بِنْتِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرُوِّينَا عَنْ الْإِمَام أَحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ : لَا أَعْلَمُ فِي التَّابِعِينَ مِثْلَ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيّ وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ ، وَمِنْ طُرَف أَخْبَاره مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : بَلَغْت نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ وَمَا مِنْ شَيْء إِلَّا وَقَدْ أَنْكَرْته إِلَّا أَمَلِي فَإِنِّي أَجِدهُ كَمَا هُوَ ، مَاتَ سَنَة خَمْس وَتِسْعِينَ ، وَقِيلَ سَنَة مِائَة وَاَللَّه أَعْلَمُ .
قَوْله : ( بِحَسْبِ الْمَرْء مِنْ الْكَذِب )
هُوَ بِإِسْكَانِ السِّين وَمَعْنَاهُ يَكْفِيه ذَلِكَ مِنْ الْكَذِب ، فَإِنَّهُ قَدْ اُسْتُكْثِرَ مِنْهُ ، وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيث وَالْآثَار الَّتِي فِي الْبَاب فَفِيهَا الزَّجْر عَنْ التَّحْدِيث بِكُلِّ مَا سَمِعَ الْإِنْسَان فَإِنَّهُ يَسْمَع فِي الْعَادَة الصِّدْق وَالْكَذِب ، فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ لِإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّ الْكَذِب : الْإِخْبَار عَنْ الشَّيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ ، وَلَا يُشْتَرَط فِيهِ التَّعَمُّد لَكِنَّ التَّعَمُّد شَرْط فِي كَوْنه إِثْمًا وَاَللَّه أَعْلَمُ .
[/size]